![]() |
إنما تظهر حقيقة الرضا والتسليم لله عَزّ وَجَلّ في حال الشدّة ..
كان الإمام الشعبي مِن أوْلَع الناس بهذا البيت : ليست الأحلام في حين الرضا *** إنما الأحلام في حين الغضب قال ابن القيم : الرضا باب الله الأعظم ، وجَنّة الدنيا ، ومُستراح العارفين ، وحياة الْمُحِبِّين ، ونَعيم العابدين ، وقُرّة عيون المشتاقين . |
شارِك العَالَمِين بالصلاة على خير العالَمين النبي الأمّي الأمين ﷺ ..
قال الله تبارك وتعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) قال ابن كثير رحمه الله : والمقصود مِن هذه الآية : أن الله سبحانه أخبر عِباده بِمَنْزِلة عَبده ونَبِيِّه عنده في الملأ الأعلى ، بأنه يُثْنِي عليه عند الملائكة الْمُقَرَّبِين ، وأن الملائكة تُصَلِّي عليه . ثم أمَر تعالى أهل العَالَم السُّفْلي بالصلاة والتسليم عليه ، لِيَجْتَمِع الثناء عليه مِن أهل العَالَمَين العلوي والسُّفلي جميعا . |
تعظيم الأمْر مِن تعظيم الآمِر ..
قال ابن القيم : في الإنجيل : يا بني إسرائيل لا تقولوا لِم أمَر ربنا ، ولكن قولوا بِمَ أمَر ربنا . ولهذا كانت هذه الأمة التي هي أكمل الأمم عقولا ومعارف وعلوما لا تسأل نبيها : لِمَ أمَر الله بذلك ، ولِمَ نَهَى عن كذا ، ولِمَ قَدّر كذا ، ولم فعل كذا ؟ لِعِلْمِهم أن ذلك مُضادّ للإيمان والاستسلام ، وأن قَدَم الإسلام لا تثبت إلاّ على درجة التسليم . وذلك يُوجب تعظيم الرب تعالى ، وأمْره ونَهيه ؛ فلا يتم الإيمان إلاّ بتعظيمه ، ولا يتم تعظيمه إلاّ بتعظيم أمْره ونَهيه . فَعَلَى قَدْر تعظيم العبد لله سبحانه يكون تعظيمه لأمْرِه ونَهْيه . وتعظيم الأمر دليل على تعظيم الآمِر . |
الْهُدى في مخالفة الهوى .. !!
قال محمد الكندي : سمعت أشياخنا يقولون : إذا عَرَض لك أمْرَان لا تدري في أيهما الرشاد ، فانظر إلى أقربهما إلى هواك فَخَالِفة ، فإن الحق في مخالفة الهوى . قال ابن القيم : الشيطان يُطيف بالعبد مِن أين يدخل عليه ، فلا يجد عليه مَدْخلا ولا إليه طريقا إلاّ مِن هواه ! فلذلك كان الذي يُخالِف هَواه يَفرَق الشيطان مِن ظِله ، وإنما تُطاق مَخالفة الهوى بالرغبة في الله وثوابه ، والخشية من حجابه وعذابه . وَوَجْد حلاوة الشِّفاء في مخالفة الهوى ، فإن مُتابعته الداء الأكبر ، ومخالفته الشفاء الأعظم . قيل لأبي القاسم الجنيد : متى تَنال النفوس مُناها ؟ فقال : إذا صار داؤها دواها ! فقيل له : ومتى يصير داؤها دواها ؟ فقال : إذا خالَفَتْ هَواها . ومعنى قوله : " يصير داؤها دواها " أن داءها هو الهوى ، فإذا خالفته تَدَاوَت منه بِمُخَالَفته ... والهوى ثلاثة أرباع الهوان ! وهو شارع النار الأكبر ! كما أن مُخالفته شارع الجنة الأعظم ! وقال ابن القيم رحمه الله : مُخالفة الهوى أصعب شىء على النفس ، وليس لها أنفع منه . |
الإيمان يتجدد ويتقوّى بالطاعات .
قال الإمام البخاري : وقال معاذ : اجلس بنا نؤمن ساعة . قال ابن رجب : وقد رُوي مثله عن طائفة من الصحابة ، فَرَوى زبيد عن زِرّ بن حُبيش قال : كان عمر بن الخطاب يقول لأصحابه : هَلِمّوا نزداد إيمانا . فيذكرون الله . ورَوى أبو جعفر الخطمي عن أبيه عن جده عمير بن حبيب بن حماسة - وهو مِن الصحابة - أنه قال : إن الإيمان يزيد وينقص ، قالوا : وما زيادته ونقصانه ؟ قال : إذا ذَكَرنا الله وخَشِيناه ؛ فذلك زيادته ، وإذا غَفَلنا ونَسينا وضيّعنا ؛ فذلك نقصانه . فزيادة الإيمان بالذكر مِن وَجْهين : أحدهما : أنه يُجدد مِن الإيمان والتصديق في القلب ما دُرِس منه بالغفلة ، كما قال ابن مسعود : الذِّكر ينبت الإيمان في القلب كما يُنبت الماء الزرع ... والثاني : أن الذِّكر نفسه مِن خصال الإيمان ، فيزداد الإيمان بِكثرة الذِّكر ، فإن جمهور أهل السنة على أن الطاعات كلها مِن الإيمان فَرضها ونَفلها ، وإنما أخرَج النوافل مِن الإيمان قليل منهم . |
أرضِ وَجهًا ترضى عنك جميع الوجوه ..
قال أبو حازم : لا يُحسن عبدٌ فيما بينه وبين الله تعالى إلاّ أحسن الله فيما بينه وبين العباد ، ولا يُعوّر فيما بينه وبين الله تعالى إلاّ عَوّر الله فيما بينه وبين العباد ، ولَمُصَانَعة وجه واحد أيسَر مِن مُصانَعة الوجوه كلها ، إنك إذا صانَعتَ الله مالَت الوجوه كلها إليك ، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شَنأتك الوجوه كلها . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " . |
حقيقة الدنيا ..
قال أبو حازم : مَن عَرف الدنيا لم يفرح فيها بِرَخاء ، ولم يَحزن على بلوى . الدنيا طُبعت على كَدَر .. قال أبو حازم : ما في الدنيا شيء يَسرّك إلاّ وقد أُلْزِق به شيء يَسوءك . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " |
النهي عن التجمّل والرفاهية الزائدة ..
رَوى عبد الله بن بريدة أن رجلا مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رَحَل إلى فَضالة بن عُبيد وهو بِمصر ، فقدم عليه ، فقال : إني لم آتك زائرا ، إنما أتيتك لحديث بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوت أن يكون عندك منه عِلم ، فرآه شَعِثا ، فقال : ما لي أراك شعثا وأنت أمير البلد ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير مِن الإرْفَاه ، ورآه حافيا ، فقال : ما لي أراك حافيا ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نَحتفِي أحيانا . رواه الإمام أحمد . وأبو داود والنسائي ، وصححه الألباني والأرنؤوط . قال الخطابي : معنى الإرفاه : الاستكثار مِن الزينة ، وأن لا يَزال يُهيئ نفسه . اهـ . وأوْردَ ابن حجر حديث : " البَذَاذة مِن الإيمان " وقال : وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود . والبذاذة - بِمُوحّدة ومُعجمتين - رَثاثة الْهَيئة . والمراد بها هنا تَرك التَّرَفّه والتنطّع في اللباس ، والتواضع فيه مع القُدرة لا بِسبب جَحد نعمة الله تعالى . كما أوْرَد ابن حجر حديث النهي عن كثير مِن الإرْفَاه . ثم قال : الإرفاه - بِكَسر الهمزة وبِفَاء وآخره هاء - التَّنَعّم والراحة ، ومِنه : الرَّفَه – بِفَتْحتين - وقَيّده في الحديث بـ " الكثير " إشارة إلى أن الوَسط المعتدِل منه لا يُذم . وبذلك يُجمَع بين الأخبار . |
مشروعية دَفْع التهمة ..
قال عليه الصلاة والسلام : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا " أو قال: " شرًّا " . رواه البخاري ومسلم . قال الإمام الشافعي رحمه الله : أراد عليه الصلاة والسلام أنْ يُعَلِّم أمّته الـتَّبَرِّي مِن التُّهْمَة في مَحِلّها ، لئلا يَقَعَا في محذور ، وهما كانا أتقى لله أن يظنا بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئًا . نقله ابن كثير . |
مِن الاعتداء بالدعاء :
رَفع الصوت بالدعاء .. قال تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيّها الناسُ ، ارْبَعوا على أنفُسكم ، فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبا ، إنهُ معكم إنهُ سميعُ قَريب ، تَبارَكَ اسمهُ ، وتَعالى جَدُّه . رواه البخاري ومسلم . وسمع الإمام مُجاهد رجلا يَرفع صوته بالدعاء فَرَمَاه بالحصى . رواه ابن أبي شيبة . |
افعلوا المعروف تكونوا مِن أهله ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة . رواه البخاري في " الأدب المفرَد " ، وصححه الألباني . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : قولوا خيرا تُعرفوا به ، واعملوا به تكونوا مِن أهله ، ولا تكونوا عُجلاء مَذاييع بُذرا . رواه ابن أبي شيبة والبيهقي في " شُعب الإيمان " . وفي لسان العرب : والمِذْياع الذي لا يَكتمُ السرّ ، وقوم مَذايِيعُ . وفي حديث عليّ رضي الله عنه ووصْف الأَولياء : ليسوا بالمَذايِيع البُذُر ، هو جمع مِذْياع مِن أَذاعَ الشيءَ إِذا أَفْشاه . وقيل : أَراد الذين يُشِيعون الفواحِش . |
إنكار ابن عمر للمنكر ..
رَوى نافع أن ابن عمر دخل الحمام مرّة وعليه إزار ، فلما دخل إذا هو بِهم عُراة ، قال : فَحَوَّل وَجهه نحو الجدار ، ثم قال : ائتني بِثوبي يا نافع . قال : فأتيته به ، فالْتَفّ به ، وغَطّى على وجهه ، وناوَلَني يده ، فَقُدْته حتى خرج منه ، ولم يدخله بعد ذلك . رواه عبد الرزاق . الحمام هو مكان الاغتسال الجماعي .. |
الحياء مِن الله تبارك وتعالى ..
حدَّث عروة بن الزبير عن أبيه أن أبا بكر الصديق ، قال وهو يخطب الناس : يا معشر المسلمين ، استحيوا مِن الله ، فو الذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء ، مُغطّيًا رأسي استحياء مِن ربي . رواه ابن أبي شيبة والبيهقي في " شُعب الإيمان " . |
حقيقة المحبة والاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ..
قال حماد بن سلمة : حدثنا علي بن زيد قال : بلغ مصعب بن الزبير عن عريف الأنصار شيء ، فَهمّ به ، فَدَخَل عليه أنس بن مالك ، فقال له : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " استوصوا بالأنصار خيرا - أو قال : معروفا - اقبَلُوا مِن مُحسِنهم ، وتجاوَزوا عن مُسِيئهم "، فألقى مصعب نفسه عن سريره ، وألْزَق خَدّه بالبساط ، وقال : أمْر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرأس والعين ؛ فَتَرَكَه . رواه الإمام أحمد |
قال بعضُ السلف : ‹‹ ما أبكى العيونَ ما أبكاها الكتابُ السابق ›› .
وقال سفيانُ لبعض الصالحين : ‹‹ هل أبكاك قط علمُ الله فيك ؟ فقال له ذلك الرجل : تركني لا أفرحُ أبدًا ›› . وكان سفيان يشتد قلقُه من السوابق والخواتم ، فكان يبكي ويقول : ‹‹ أخافُ أنْ أكونَ في أمِّ الكتاب شقيًا ›› ، ويبكي ويقول : ‹‹ أخافُ أنْ أُسلَبَ الإيمان عند الموت ›› . وكان مالِكُ بن دينار يقوم طول ليله قابضًا على لحيته ويقول : ‹‹ يا ربِّ قـد علمتَ ساكنَ الجنةِ مِن ساكنِ النار ، ففي أىّ الدارين منزلُ مالِك ؟ ›› . وقال حاتم الأصم : ‹‹ مَن خلا قلبُه مِن ذِكر أربعةِ أخطار فهو مُغتَرٌّ فلا يأمنُ الشقاء : - الأول : خطر يوم الميثاق حين قال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي ، فلا يعلمُ في أىّ الفريقين كان .. والثاني : حين خُلِقَ في ظلماتٍ ثلاث فنادى الملك بالسعادة والشقاوة ، ولا يدري أمِن الأشقياء هو أم مِن السُّعَداء ؟ .. والثالث : ذِكر هَول المَطلع ، ولا يدري أيُبشَّرُ برضا الله أو بسَخَطِهِ ؟ .. والرابع : يوم يَصدرُ الناسُ أشتاتًا ، ولا يدري أىّ الطريقين يُسلك به ›› . وقال سهل التسترى : ‹‹ المُريدُ يخافُ أن يُبتلَى بالمعاصي ، والعارِفُ يخافُ أن يُبتلَى بالكفر ›› . |
قال الحارث بن إدريس :
قلت لداود الطائي : أوصني . قال : عسكر الموت ينتظرونك . صفة الصفوة ( 3 / 141 ) |
الساعة الآن 10:05 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.