منتديات أمل عمري

منتديات أمل عمري (http://www.a-3amry.com/vb/index.php)
-   خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل (http://www.a-3amry.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   ذهب الركب وأنت غافل! (http://www.a-3amry.com/vb/showthread.php?t=2458)

الغالي 03-01-2017 09:31 AM

ذهب الركب وأنت غافل!
 
ذهب الركب وأنت غافل!

الحمد لله مستحق الحمد والثناء، والصلاة والسلام على سيد الأولياء وخاتم الأنبياء، وعلى آله وصحبه الأتقياء، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْكِبِي فَقَالَ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ)
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.1
أخي:
إن هذه الحياة دار ابتلاء وامتحان فاز في هذا الامتحان من فاز وخسر من خسر، فيا سعادة الفائزين، ويا شقاء الخاسرين البطَّالين المقصرين!
وانظر إلى حال سلفك الصالح -رضي الله عنهم- من الصحابة والتابعين وعلماء الإسلام العاملين، كيف كانت سيرتهم مع ربهم، كانوا يقظين حذرين، كأن العدو يفجؤهم، تركوا الأمن من مكر الله، وشغلوا نفوسهم بالزاد للسفر الطويل، وهم مع كل ذلك الجد والعمل خائفون وجلون من ربهم ومن سوء العاقبة!
تالله! لقد سبق القومُ السعاةَ وهم على ظهور الفرش نائمون، وقد تقدموا الركب بمراحل وهم في سيرهم واقفون.

من لي بمثل سيرك المدلَّل ... تمشي رويداً وتجي في الأول
أجابوا منادي الشوق إذ نادى بهم: حي على الفلاح، وبذلوا نفوسهم في طلب الوصول إلى محبوبهم وكان بذلهم بالرضا والسماح، وواصلوا إليه المسير بالإدلاج والغدو والرواح، تالله لقد حمدوا عند الوصول سراهم، وشكروا مولاهم على ما أعطاهم، وإنما يَحمد القوم السرى عند الصباح.

فحيَّ هلا إن كنت ذا همة فقد
وقـل لمنادي حبهم ورضاهم
ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن
ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد
وخذ منهم زاداً إليهم وسر على
وأحيِ بذكراهم سراك إذا ونت
وإما تخافن الكلال فقل لها
وخذ قبسا من نورهم ثم سر به
وحي على واد الأراك فقِل به
وإلا ففي نعمان عند معرف الـ
وإلا ففي جمع بليلته فإن
وحي على جنات عدن بقربهم
ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا
فدعها رسوماً دارسات فما بها
رسوم عفت يفنى بها الخلق كم بها
وخذ يمنة عنها على المنهج الذي
وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي



حدا بك حادي الشوق فاطوِ المراحلا
إذا ما دعا لبيك ألفاً كواملا
نظرت إلى الأطلال عُدن حوائلا
ودعه فإن الشوق يكفيك حاملا
طريق الهدى والفقر تصبح واصلا
ركابك فالذكرى تعيدك عاملا
أمامك ورد الوصل فابغ المناهلا
فنورهم يهديك ليس المشاعلا
عساك تراهم فيه إن كنت قائلا
أحبة فاطلبهم إذا كنت سائلا
كفت فمتى يا ويح من كان غافلا

منازلك الأولى بها كنت نازلا
وقفت على الأطلال تبكي المنازلا
مقيلٌ فجاوزها فليست منازلا
قتيل وكم فيها لذا الخلق قاتلا
عليه سرى وفد المحبة آهلا
فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا
ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا




أول نَقْدة من أثمان المحبة بذل الروح، فما للمفلس الجبان البخيل وسومها!

بدم المحب يباع وصلهم *** فمن الذي يبتاع بالثمن
تالله ما هزلت الجنة فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون.
لقد أقيمت للعرض في سوق: مَن يزيد! فلم يرض لها بثمن دون بذل النفوس!
فتأخر البطَّالون وقام المحبون ينظرون أيهم يصلح أن يكون ثمناً، فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}2.
لما كثر المدَّعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخليُّ حُرْقة الشجيِّ3، فتنوَّع المدَّعون في الشهود فقيل: لا تُقبل هذه الدعوى إلا ببينة: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}4.
فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه، فطولبوا بعدالة البينة بتزكية: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ}5.
فتأخر أكثر المحبين، وقام المجاهدون فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فهلمُّوا إلى بيعة: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ}6.
فلما عرفوا عظمة المشتري وفضل الثمن وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع عرفوا قدر السلعة، وأن لها شأناً، فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها لغيره بثمن بخس، فعقدوا معه بيعة الرضوان بالتراضي من غير ثبوت خيار، وقالوا: والله لا نقيلك ولا نستقيلك.
فلما تم العقد وسلَّموا المبيع قيل لهم: مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعافها معاً، {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ}7.8
أخي:
ليس للعابدين مستراح إلا تحت شجرة طوبى، ولا للمحبين قرار إلا يوم المزيد، فمثِّل لقلبك الاستراحة تحت شجرة طوبى يهن عليك النصب، واستحضر يوم المزيد يهن عليك ما تتحمل من أجله.
كنوز الجواهر مودعة في مصر الليل فتتبع آثار المحبين لعلك تظفر بكنز!
أنت طفل في حِجر العادة مشدود بقماط الهوى فما لك ولمزاحمة الرجال!
أين أنت والمحبة وأنت أسير الحبَّة؟
تمسَّكت بالدنيا تمسك الرضيع بالظئر والقوم ما أعاروها الطرف!
أُف لبدوي لا يطربه ذكر حاجر!
انقسم الصالحون عند السباق فمنهم من أخذه القلق فكان يقول: ويل لي إن لم يغفرها، أنا أمضي إلى النار أو يغفر، ومنهم من غلبه الرجاء كبلال الحبشي كانت زوجته تقول: واحزناه! وهو يقول: واطرباه، غداً ألقي الأحبة محمداً وحزبه.
واهاً لبلال علم أن الإمام لا ينسى المؤذن!
اشتغلْ به في الحياة يكفك ما بعد الموت.
دق كؤوس الرحيل فسار الركب وتأهبوا للمسير، وعُكمت9 أحمال الزاد، وسار رفقة المجدين وأنت في الرَّقْدة الأولى بعد! كيف تطيق السهر مع الشِّيع، أم كيف تزاحم أهل العزائم بمناكب الكسل!
هيهات ما وصل القوم إلى المنزل إلا بعد مواصلة السَّرى، ولا عبروا إلى مقر الراحة إلا على جسر التعب!

وأطيب الأرض ما للقلب فيه هوى ... سم الخياط مع المحبوب ميدان
أخي:
لو رأيت أهل القبور في وثاق الأسر فلا يستطيعون الحركة إلى نجاة، وحيل بينهم وبين ما يشتهون!
يا منفقاً بضاعة العمر في مخالفة حبيبه والبعد منه، ليس في أعدائك أشد شراً عليك منك!

ما يبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه10
تقدم الركب وفاتك الدليل فاللحاق اللحاق والرحيل الرحيل، وكن على حذر! واعتصم بالله واستعن به وقل: حسبي الله ونعم الوكيل.
حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.

معآند الجرح 03-02-2017 02:12 PM

جزاك الله خير
وبارك الله فيك
.,

الغالي 03-02-2017 04:19 PM

تـوآجدك الرائــع ونــظره منك لموآضيعي هو الأبداع بــنفسه ..
يــســعدني ويــشرفني مروورك الحاار وردك وكلمااتك الأرووع
لاعــدمت الطلــّـه الـعطرهـ

أمير المحبه 03-04-2017 01:20 AM

جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

مهابه 01-02-2020 05:27 AM

https://upload.3dlat.com/uploads/13844409141.gif


الساعة الآن 06:15 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.