منتديات أمل عمري

منتديات أمل عمري (http://www.a-3amry.com/vb/index.php)
-   ‏تأملات القلم / بوح الأعضاء (http://www.a-3amry.com/vb/forumdisplay.php?f=127)
-   -   الأطلال الباقية (http://www.a-3amry.com/vb/showthread.php?t=8373)

عمرو الجوري 01-12-2019 05:29 PM

الأطلال الباقية
 





الأطلال الباقية ... قصة قصيرة


جلست في شُرفتها تَحتسي فنجاناً دافىء من القهوة
شُرفتها التي تُطل على ذكريات ما زالت عالقة بالفؤاد
وما زال الماضي يقبع بأعماقها
كانت تحتسي قَهوتها ومع كل رشفة تمتص سُم الآنين

حاولت جاهدة أن تنسى وأن تبدأ حياة جديدة
لكن النسيان نعمة لم ينعم الله بها عليها .
كانت تعلم ذلك فاستسلمت لكل هواجس الماضي .

شُرفتها تِلك كانت تَطُل على شُرفة أخرى
كانت لحبيبها الذي رحل عنها ولم يعود بعد .
رحل مودعاً إياها بطقوس وداع جعلتها سجينة
هذا الوداع وتلك الوعود التي وعدها بها حين رحل .

تخرج كل منهما في نفس اليوم
من نفس الجامعة ومن نفس القسم وبدرجة واحدة
... جيد جداً ...
فور تخرجه صمم أن يُكمل دراستهُ العُليا بالخارج
ألحت عليه كثيراً أن يكتفي بما حصل عليه
لتبدأ قصتهما معاً وتتحول العلاقة بينهما إلى مرحلة أخرى .

لتتم مراسم الزواج بعد خُطبة دامت عامين
لكنه أصر واعداً إياها أنه لن يغيب
وسيعود الى وطنه مُكللاً بالنجاح
لتفتخر به أمام أهلها والناس جميعا .

كانوا يقتسمان كل شىء معاً ...
الشارع والجامعة والقسم حتى المدرج
الذي كانا يجلسان عليه معاً لتَلقِي المُحاضرات .
نشأت علاقة الحب تلك بين أبناء الجيران
أسماء ومحمود ............

كانت أسماء مُنذ اللحظة الأولى التي وقعت فيها بِحُب مَحمُود
تكتب مُذكراتُها مُسجِلة كُل حَدث بينهما
حتى وإن لم يكُن ذا قيمة تذكارية
كانت تريد أن يجمع بينهما بيت واحد
تُعيد عليه قراءة تلك المذكرات بكل ما مر بينهما
من أحداث كبيرة كانت أو صغيرة .

كانت دائماً تتخيل أن قصة حُبهم ستكون أعجوبة عصرهم
فلطالما كان الجميع يتحدث بهم وبِعشقِهم الجميل لبعض .
طال سفره مر عام ومر عامين وأصبحت
الرسائل التي تأتي منه قليلة وقصيرة .

فمقابل كل عشر رسائل منها
كان يأتيها الرد بواحدة .

وبعد أن كان يحدثها هاتفياً يوماً بعد يوم
أصبحت إتصالاته نادرة كـ نُدرة رسائِلهُ .
شعرت أن هناك شىء تغير فيه
سألت أخته ومن ثُم والدته
لكن لم تُريح قلبها مِنهُن واحدة ؟
لا تدري ماذا تفعل ؟ فالمسافة بينهم ليست بقليلة
بحور وحدود دول وألاف الأميال
كان والدها ووالدتها في موقف لا يٌحسدون عليه
فإبنتهم الوحيدة تنهار أمام أعينهم
وليسوا بقادرين على فعل شىء .

بدون أن تعلم أسماء بما يُحاك خَلف الكواليس
رأي والدها أنه يجب عليه ان يتَخذ موقف
يغيث فيه إبنته من ويل هذا الحب العقيم .

قرر أن يسافر إلى حيث يوجد محمود
ويقتفي أثره ليعرف ماذا يدور بخاطره ؟
أخبر أسماء أنه سيذهب لِرحلة عمل
داخل الوطن وسيعود في خلال أسبوع فقط .

كانت أسماء مُتعلقة بوالِدها بِنَفس القَدر
التي كانت مُتعلقة فيه بِحبيبها محمود .

طلبت من والِدهَا أن يُحدثها أكثر من مرة في اليوم الواحد
ووعدها بذلك وسافر وكان على إتصال دائم بِها .

وذات مرة كانت والدتها تُحدثه بمفردها
ليخبرها أن محمود قد تزوج من أخرى
فراح صدى صراخِها إلى غرفة أسماء
ليُوقُظها من نومها .........

جاءت مٌسرعة والخوف يَقطَع أنفَاسَهَا
والقلق يُعرقل خَطواتهَا وسألت والدُتها
لماذا هذا الصراخ ... هل أبي بخير ؟
قالت لها والدك بخير ....

فسألت مرة أخرى فلماذا تصرخين إذاً ؟
فأجابتها .....................
لأن موعد والدك اليوم حتى يعود
لكنه أخبرني أنه سيعود بعد يومين .
إلتقطت أسماء أنفاسها وجلست لتقول
لوالدتها تصرخين لأن زوجك تأخر يومين عن ميعادهُ

فماذا أنا بفاعلة وحبيبي تأخر عامين ؟
ترقرقت الدموع في عيني والدتها
فأغلقت الإتصال لتضمها إلى أحضانها
ليكون صوت بُكائِها أشد وطئاً من صوت صُراخِها
سألتها أسماء مُجدداً لما هذا البكاء يا أمي ؟
قالت لها هذا لأنني الأن فقط شعرت
بمرارة إنتظارك يا حبيبتي .

أخفَت والدتها عن أسماء هذا الخبر المفُجع
وظلت تٌفكر كيف ستُخبرها ومتى ؟ .

وهي تعلم كم تعشق إبنتها هذا الذي باع
كل ما بينهما وتركها تُعاني فراقه الأبدي .

عاد والدها وإستقبلته أسماء بكل الشوق
وفي نفس اليوم أخبرها بسبب تغير محمود .

ملأ الصمت المكان حين أخبرها
كانت أسماء في حالة ذهول
وأحست بالألم والمرارة يعتصرا قلبها
فقالت بحسرة :

على الأقل عرفت سبب تغيره معي .

تماسكت بعدها أسماء وقررت أن تُكمل حَياتهَا بإصرار وكبرياء أنثى شرقية
لكنها ما زالت تجلس بشرفتها وتحتسى قهوتها
وتنظر إلى حيث كان يراها وتراه
وتُغني على الأطلال الباقية
لقصة حب باع فيها الطرف الثاني
حُبه برحلة سفر


بقلم ... عمرو الجوري

http://a-3amry.com/up/uploads/1547307297241.jpg






أمـل عمري 01-12-2019 05:59 PM

ختم وتنبيه وبصمة اعجاب
لحيين عوده:136:

النقاء 01-12-2019 07:55 PM

نازعة لحظة سكبت من الحبر شجن عاطفة لم تغادر ضفاف الثبات
قوية رغم أن احتمال الوداع لا يصحبه إلا فكرة هشة
رائع الكاتب. عمر
حرفا وسكبا وإلهاما شفيفا
قصة. ممتعة

لك الشكر. والتقدير ....

عمرو الجوري 01-12-2019 08:13 PM

اقتباس:



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ÁŃĞĔĹ http://www.a-3amry.com/vb/mol/buttons/viewpost.gif
ختم وتنبيه وبصمة اعجاب
لحيين عوده:136:



شرفتيني أستاذتنا القديرة
ومنتظر أكيد عودة حضرتك

عمرو الجوري 01-12-2019 08:17 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النقاء http://www.a-3amry.com/vb/soso/buttons/viewpost.gif
نازعة لحظة سكبت من الحبر شجن عاطفة لم تغادر ضفاف الثبات
قوية رغم أن احتمال الوداع لا يصحبه إلا فكرة هشة
رائع الكاتب. عمر
حرفا وسكبا وإلهاما شفيفا
قصة. ممتعة

لك الشكر. والتقدير ....



ربما تُلقيها ضِفاف الثُبات إلى قلباً أخر يستحقها
ربما الوفاء بات عُملة نادرة في عوالم اليوم
لكن يظل نبذة إنسانية مُلازمة للبعض


الأستاذة القديرة النقاء
شكراً لتواجدك الجميل سيدتي القديرة
ردك رائع كما عهدتهُ منكِ دائماً
بحجم السماء والأرض أشكُرِك

ميهآف آلفيصل 01-12-2019 08:37 PM

وكم من أسماء كـ أسماء
بنَت صرحاً من الأحلام عُمراً
لتأتي أُخرى وتسكنه في لحظات

تبت يدا من عاث في قلبها فساداً
وتبت يدا من كـ محمود وتب



+ عمرو حرف ليس كمثله
إنحناءه لهذا الجمال المُبهر.

عمرو الجوري 01-12-2019 09:55 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميهآف آلفيصل http://www.a-3amry.com/vb/2m2al-3mry...s/viewpost.gif
وكم من أسماء كـ أسماء
بنَت صرحاً من الأحلام عُمراً
لتأتي أُخرى وتسكنه في لحظات

تبت يدا من عاث في قلبها فساداً
وتبت يدا من كـ محمود وتب



+ عمرو حرف ليس كمثله
إنحناءه لهذا الجمال المُبهر.



كم من أسماء كـ أسماء في حياتنا هذه
وكم من محمود حولنا
تظل الرحاية تلف حتى تجد ما تطحنه
طوبى لحبيب وعد ولم يُخلف


سيدتي مهياف الفيصل
كم كان ردك رائعاً أيتها القديرة
مُلماً بكل ما جاء من سرد
تقيمي لروعة ردك سيدتي
وشكراً لكِ

العرّاب 01-12-2019 10:51 PM

،
ياعمرو لا اجد ما يجاري هذا الحرف
فكر سامي وطرح مميز لا يمل
لا هنت ياعمرو



العرّاب

عمرو الجوري 01-12-2019 11:01 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العرّاب http://www.a-3amry.com/vb/2m2al-3mry...s/viewpost.gif
،
ياعمرو لا اجد ما يجاري هذا الحرف
فكر سامي وطرح مميز لا يمل
لا هنت ياعمرو



العرّاب



أشكرك أستاذي الفاضل العراب
على ردك الجميل وتواجدك الأجمل

*قلادة طهر..! 01-12-2019 11:36 PM

انرت عمرو من جديد
ونحن للجمال نرتقب

ومثل هذه الرائعه
تستحق القراءه بتمهل

عوده بأذن الله و300مشاركه..!


الساعة الآن 02:20 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.