تابع – سورة البقرة
(والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك). . وهي الصفة اللائقة بالأمة المسلمة , وارثة العقائد السماوية , ووارثة النبوات منذ فجر البشرية , والحفيظة على تراث العقيدة وتراث النبوة , وحادية موكب الإيمان في الأرض إلى آخر الزمان . وقيمة هذه الصفة هي الشعور بوحدة البشرية , ووحدة دينها , ووحدة رسلها , ووحدة معبودها . . قيمتها هي تنقية الروح من التعصب الذميم ضد الديانات والمؤمنين بالديانات ما داموا على الطريق الصحيح . . قيمتها هي الاطمئنان إلى رعاية الله للبشرية على تطاول أجيالها وأحقابها . هذه الرعاية البادية في توالي الرسل والرسالات بدين واحد وهدى واحد . قيمتها هي الاعتزاز بالهدى الذي تتقلب الأيام والأزمان , وهو ثابت مطرد , كالنجم الهادي في دياجير الظلام
(وبالآخرة هم يوقنون). . وهذه خاتمة السمات . الخاتمة التي تربط الدنيا بالآخرة , والمبدأ بالمصير , والعمل بالجزاء ; والتي تشعر الإنسان أنه ليس لقى مهملا , وأنه لم يخلق عبثا , ولن يترك سدى ; وأن العدالة المطلقة في انتظاره , ليطمئن قلبه , وتستقر بلابله , ويفيء إلى العمل الصالح , وإلى عدل الله روحمته في نهاية المطاف .
واليقين بالآخرة هو مفرق الطريق بين من يعيش بين جدران الحس المغلقة , ومن يعيش في الوجود المديد الرحيب . بين من يشعر أن حياته على الأرض هي كل ما له في هذا الوجود , ومن يشعر أن حياته على الأرض ابتلاء يمهد للجزاء , وأن الحياة الحقيقية إنما هي هنالك , وراء هذا الحيز الصغير المحدود .
( يتبع )
|