تابع – سورة الحجرات
محاور مواضيع السورة :
إنّ إثبات الإيمان ونفيه ، من باب تعليم الله بما في القلب ، وهو سوءُ أدبٍ وظنٍ بالله عز وجل ، ولهذا قال آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الأعراب : أتعلِّمون الله بدينكم ، أتخبرونه بما في ضمائركم ، إنه إن كان إخباراً للخلق فلا دليل على صدقه ، وإن كان للحق تعالى فلا معنى له ، لأنهم كيف يُعلِّمونه ، وهو العالم بكل شيء ، إنه تجمّل بما لا يجمل ، وفخر بما لا ينبغي لهم الفخر به ، فإن المنة لله تعالى عليهم ، فهو سبحانه لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، والله بكل شيء عليم .
ثم أشار تعالى إلى نوع آخر من جفائهم ، وهو منتهم بإسلامهم ، وتكثيرهم لسواد أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، فردّ الله عليهم : ألاّ { تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم }الحجرات17، فإن نفع ذلك إنما يعود عليكم ، ولله المنة عليكم فيه ، { بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ}الحجرات17 أي أرشدكم إليه ، وأراكم طريقه ووفقكم لقبول الدين ، وشرح صدوركم له ، إن كنتم صادقين في دعواكم ، ولكن علم الله من قلوبكم أنكم كاذبون ، لاطلاعه على الغيوب ، إن الله أيها الأعراب لا يخفى عليه الصادق منكم من الكاذب ، ومن الداخل منكم في ملة الإسلام رغبة فيه ، ومن الداخل فيه رهبةً من الرسول صلى الله عليه وسلم وجنده .
فهو سبحانه يعلم الأمور الخفية التي تخفى على الخلق ، كالذي في لجج البحار ، وما جنّه الليل أو واراه النهار ، يعلم قطرات الأمطار ، وحساب الرمال وكنونات الصدور وخبايا الأمور
( يتبع )
|