عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2017, 09:45 AM   #399
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (08:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة الممتحنة

محاور السورة

روى البخاري في المغازي، ورواه مسلم في صحيحه من حديث حصين بن عبدالرحمن، عن سعد ابن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي- رضي الله عنه- قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير بن العوام- وكلنا فارس- وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين. فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: الكتاب؟ فقالت ما معي كتاب. فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا. فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك. فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجته. فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله. قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضربن عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما صنعت؟ قال حاطب: والله ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أردت أن تكون لي عند القوم يد. يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله. فقال: صدق لا تقولوا إلا خيرا. فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه. فقال: أليس من أهل بدر؟- فقال-: لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة- أو- قد غفرت لكم. فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم».. وزاد البخاري في كتاب المغازي: فأنزل الله السورة: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}.. وفي رواية أخرى أن الذين أرسلوا كانوا هم علي والزبير والمقداد.
ولوقوف قليلا أمام هذا الحادث وما دار بشأنه لا يخرج بنا عن (ظلال القرآن) والتربية به وبالأحداث والتوجيهات والتعقيبات عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائد المربي العظيم.. وأول ما يقف الإنسان أمامه هو فعلة حاطب، وهو المسلم المهاجر، وهو أحد الذين أطلعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على سر الحملة.. وفيها ما يكشف عن منحنيات النفس البشرية العجيبة، وتعرض هذه النفس للحظات الضعف البشري مهما بلغ من كمالها وقوتها؛ وأن لا عاصم إلا الله من هذه اللحظات فهو الذي يعين عليها.
ثم يقف الإنسان مرة أخرى أمام عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يعجل حتى يسأل: «ما حملك على ما صنعت» في سعة صدر وعطف على لحظة الضعف الطارئة في نفس صاحبه، وإدراك ملهم بأن الرجل قد صدق، ومن ثم يكف الصحابة عنه: «صدق لا تقولوا إلا خيرا».. ليعينه وينهضه من عثرته، فلا يطارده بها ولا يدع أحدا يطارده. بينما نجد الإيمان الجاد الحاسم الجازم في شدة عمر: «إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين. فدعني فلأضرب عنقه».. فعمر- رضي الله عنه- إنما ينظر إلى العثرة ذاتها فيثور لها حسه الحاسم وإيمانه الجازم. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فينظر إليها من خلال إدراكه الواسع الشامل للنفس البشرية على حقيقتها، ومن كل جوانبها، مع العطف الكريم الملهم الذي تنشئه المعرفة الكلية. في موقف المربي الكريم العطوف المتأني الناظر إلى جميع الملابسات والظروف..
( يتبع )