تابع – سورة الجمعة
محور مواضيع السورة :
قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن يزيد الزرقي ، حدثنا أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن عبد الكريم ابن مالك الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال أبو جهل - لعنه اللّه - إن رأيت محمدا عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه. قال : فقال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «لو فعل لأخذته الملائكة عيانا. ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار. ولو خرج الذين يباهلون رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا»
وقد لا تكون هذه مباهلة ولكن مجرد تحد لهم ، بما أنهم يزعمون أنهم أولياء للّه من دون الناس. فما يخيفهم إذن من الموت ، ويجعلهم أجبن خلق اللّه؟ وهم حين يموتون ينالون ما عند اللّه مما يلقاه الأولياء والمقربون؟! ثم عقب على هذا التحدي بما يفيد أنهم غير صادقين فيما يدعون ، وأنهم يعرفون أنهم لم يقدموا بين أيديهم ما يطمئنون إليه ، وما يرجون الثواب والقربى عليه ، إنما قدموا المعصية التي تخيفهم من الموت وما وراءه. والذي لم يقدم الزاد يجفل من ارتياد الطريق :
«وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ» ..
وفي نهاية الجولة يقرر حقيقة الموت وما بعده ، ويكشف لهم عن قلة الجدوى في فرارهم من الموت ، فهو حتم لا مهرب منه ، وما بعده من رجعة إلى اللّه ، وحساب على العمل حتم كذلك لا ريب فيه :
«قُلْ : إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ. ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» ..
وهي لفتة من اللفتات القرآنية الموحية للمخاطبين بها وغير المخاطبين. تقر في الأخلاد حقيقة ينساها الناس ، وهي تلاحقهم أينما كانوا .. فهذه الحياة إلى انتهاء. والبعد عن اللّه فيها ينتهي للرجعة إليه ، فلا ملجأ منه إلا إليه. والحساب والجزاء بعد الرجعة كائنان لا محالة. فلا مهرب ولا فكاك.
( يتبع )
|