تابع – سورة المنافقون
محور مواضيع السورة :
وإنها لروعة تواجه القلب أينما اتجه وأينما قلب النظر في هذا الموقف الكريم. روعة الإيمان في قلب إنسان ، وهو يعرض على رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - أن يكل إليه أشق عمل على النفس البشرية - أن يقتل أباه - وهو صادق النية فيما يعرض. يتقي به ما هو أكبر في نظره وأشق .. وهو أن تضطره نوازعه البشرية إلى قتل مؤمن بكافر ، فيدخل النار ..
وروعة الصدق والصراحة وهو يواجه ضعفه البشري تجاه أبيه وهو يقول :
«فو اللّه لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني». وهو يطلب من نبيه وقائده أن يعينه على هذا الضعف ويخرجه من هذا الحرج لا بأن يرد أمره أو يغيره - فالأمر مطاع والإشارة نافذة - ولكن بأن يكل إليه هو أن يأتيه برأسه! والرسول الكريم يرى هذه النفس المؤمنة المحرجة ، فيمسح عنها الحرج في سماحة وكرامة : «بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا» .. ومن قبل هذا يكف عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه عن رأيه : «فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه؟».
ثم تصرف الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - في الحادث تصرف القائد الملهم الحكيم .. وأمره بالسير في غير أوان ، ومتابعة السير حتى الإعياء ، ليصرف الناس عن العصبية المنتنة التي أثارها صياح الرجلين المتقاتلين :
يا للأنصار! يا للمهاجرين! وليصرفهم كذلك عن الفتنة التي أطلقها المنافق عبد اللّه بن أبي بن سلول ، وأرادها أن تحرق ما بين الأنصار والمهاجرين من مودة وإخاء فريدين في تاريخ العقائد وفي تاريخ الإنسان ..
( يتبع )
|