عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2017, 09:56 AM   #458
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (08:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة التغابن

محور مواضيع السورة :

ومن شأن هذا التصور أن يدرك القلب البشري- بمقدار ما يطيق- حقيقة الألوهية وعظمتها، ويشعر بالقدرة الإلهية ويراها في آثارها المشهودة في الكون، ويحسها في ذوات الأنفس بآثارها المشهودة والمدركة؛ ويعيش في مجال هذه القدرة وبين آثارها التي لا تغيب عن الحس والعقل والإلهام. ويراها محيطة بكل شيء، مهيمنة على كل شيء، مدبرة لكل شيء، حافظة لكل شيء، لا يند عنها شيء. سواء في ذلك الكبير والصغير والجليل والحقير.
ومن شأنه كذلك أن يعيش القلب البشري في حساسية مرهفة، وتوفز دائم، وخشية وارتقاب، وطمع ورجاء؛ وأن يمضي في الحياة معلقا في كل حركة وكل خالجة بالله، شاعرا بقدرته وهيمنته، شاعرا بعلمه ورقابته، شاعرا بقهره وجبروته، شاعرا برحمته وفضله، شاعرا بقربه منه في كل حال.

وأخيرا فإن من شأنه أن يحس بالوجود كله متجها إلى خالقه فيتجه معه، مسبحا بحمد ربه فيشاركه تسبيحه، مدبرا بأمره وحكمته فيخضع لشريعته وقانونه.. ومن ثم فهو تصور إيماني كوني بهذا المعنى، وبمعان أخرى كثيرة تتجلى في المواضع المتعددة في القرآن التي تضمنت عرض جوانب من هذا التصور الإيماني الشامل الكامل المحيط الدقيق. وأقرب مثل منها ما ورد في ختام سورة الحشر ،
«يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ» ..

فكل ما في السماوات والأرض متوجه إلى ربه ، مسبح بحمده وقلب هذا الوجود مؤمن ، وروح كل شيء في هذا الوجود مؤمنة ، واللّه مالك كل شيء. وكل شيء شاعر بهذه الحقيقة. واللّه محمود بذاته ممجد من مخلوقاته. فإذا وقف الإنسان وحده في خضم هذا الوجود الكبير كافر القلب جامد الروح ، متمردا عاصيا ، لا يسبح للّه ، ولا يتجه إلى مولاه ، فإنه يكون شاذا بارز الشذوذ ، كما يكون في موقف المنبوذ من كل ما في الوجود.



«وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ..
فهي القدرة المطلقة ، التي لا تتقيد بقيد. وهي حقيقة يطبعها القرآن في القلب المؤمن فيعرفها ويتأثر بمدلولها ، ويعلم أنه حين يركن إلى ربه فإنما يركن إلى قدرة تفعل ما تشاء ، وتحقق ما تريد. بلا حدود ولا قيود.
وهذا التصور لقدرة اللّه وتسبيح كل شيء له ، وتوجه الوجود إليه بالحمد .. هو طرف من ذلك التصور الإيماني الكبير.

( يتبع )