عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-2017, 10:38 AM   #2
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (08:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة القلم

محور مواضيع السورة :

ملخص تلك التجربة أن يونس بن متى - سلام اللّه عليه - أرسله اللّه إلى أهل قرية. قيل اسمها نينوى بالموصل.
فاستبطأ إيمانهم ، وشق عليه تلكؤهم ، فتركهم مغاضبا قائلا في نفسه : إن اللّه لن يضيق عليّ بالبقاء بين هؤلاء المتعنتين المعاندين ، وهو قادر على أن يرسلني إلى قوم آخرين! وقد قاده الغضب والضيق إلى شاطئ البحر ، حيث ركب سفينته ، فلما كانوا في وسط اللج ثقلت السفينة وتعرضت للغرق. فأقرعوا بين الركاب للتخفف من واحد منهم لتخف السفينة .. فكانت القرعة على يونس. فألقوه في اليم. فابتلعه الحوت.
عندئذ نادى يونس - وهو كظيم - في هذا الكرب الشديد في الظلمات في بطن الحوت ، وفي وسط اللجة ، نادى ربه : «لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ! إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» فتداركته نعمة من ربه ، فنبذه الحوت على الشاطئ .. لحما بلا جلد .. ذاب جلده في بطن الحوت. وحفظ اللّه حياته بقدرته التي لا يقيدها قيد من مألوف البشر المحدود!

وهنا يقول : إنه لولا هذه النعمة لنبذه الحوت وهو مذموم. أي مذموم من ربه .. على فعلته. وقلة صبره.
وتصرفه في شأن نفسه قبل أن يأذن اللّه له. ولكن نعمة اللّه وقته هذا ، وقبل اللّه تسبيحه واعترافه وندمه. وعلم منه ما يستحق عليه النعمة والاجتباء. «فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» ..



هذه هي التجربة التي مر بها صاحب الحوت. يذكر اللّه بها رسوله محمدا - صلى اللّه عليه وسلم - في موقف العنت والتكذيب. بعد ما أخلاه من المعركة كما هي الحقيقة ، وأمره بتركها له يتولاها كما يريد. وقتما يريد.

وكلفه الصبر لحكم اللّه وقضائه في تحديد الموعد ، وفي مشقات الطريق حتى يحين الموعد المضروب! إن مشقة الدعوة الحقيقية هي مشقة الصبر لحكم اللّه ، حتى يأتي موعده ، في الوقت الذي يريده بحكمته.

وفي الطريق مشقات كثيرة. مشقات التكذيب والتعذيب. ومشقات الالتواء والعناد. ومشقات انتفاش الباطل وانتفاخه. ومشقات افتتان الناس بالباطل المزهو المنتصر فيما تراه العيون. ثم مشقات إمساك النفس على هذا كله راضية مستقرة مطمئنة إلى وعد اللّه الحق ، لا ترتاب ولا تتردد في قطع الطريق ، مهما تكن مشقات الطريق .. وهو جهد ضخم مرهق يحتاج إلى عزم وصبر ومدد من اللّه وتوفيق .. أما المعركة ذاتها فقد قضى اللّه فيها ، وقدر أنه هو الذي يتولاها ، كما قدر أنه يملي ويستدرج لحكمة يراها. كذلك وعد نبيه الكريم ، فصدقه الوعد بعد حين.

( يتبع )


 
 توقيع : النجم البعيد