تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة :
قصة أصحاب الحديقة
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ(17)وَلا يَسْتَثْنُونَ(18)فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ(19)فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ(20)فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ(21)أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ(22)فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ(23)أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ(24)وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ(25)فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ(26)بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ(27)قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ(28)قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(29)فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ(30)قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ(31)عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ(32)كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(33)}
ثم ذكر تعالى قصة أصحاب الحديقة وما ابتلاهم تعالى به من إتلاف الزروع والثمار وضربه مثلاً لكفار مكة فقال {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} أي إنا اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اختبرنا أصحاب البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه، وكلفنا أهل مكة أن يشكروا ربهم على النعم، كما كلفنا أصحاب الجنة أن يشكروا ويعطوا الفقراء حقوقهم، قال المفسرون: كان لرجل مسلم بقرب صنعاء بستان فيه من أنواع النخيل والزروع والثمار، وكان إذا حان وقت الحصاد دعا الفقراء فأعطاهم نصيباً وافراً منه وأكرمهم غاية الإِكرام فلما مات الأب ورثه أبناؤه الثلاثة فقالوا: عيالنا كثير والمال قليل ولا يمكننا أن نعطي المساكين كما كان يفعل أبونا، فتشاوروا فيما بينهم وعزموا على ألا يعطوا أحداً من الفقراء شيئاً، وأن يجنوا ثمرها وقت الصباح خفية عنهم، وحلفوا على ذلك، فأرسل الله تعالى ناراً على الحديقة ليلاً أحرقت الأشجار وأتلفت الثمار، فلما أصبحواذهبوا إلى حديقتهم فلم يروا فيها شجراً ولا ثمراً، فظنوا أنهم أخطأوا الطريق، ثم تبين لهم أنها بستانهم وحديقتهم وعرفوا أن الله تعالى عاقبهم فيها بنيتهم السيئة، فندموا وتابوا بعد أن فات الأوان {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} أي حين حلفوا ليقطعن ثمرها وقت الصباح، قبل أن يخرج إليهم المساكين {وَلا يَسْتَثْنُونَ} أي ولم يقولوا إن شاء الله حين حلفوا، كأنهم واثقون من الأمر {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} أي فطرقها طارق من عذاب الله، وهم في غفلة عما حدث لأنهم كانوا نياماً، قال الكلبي: أرسل الله عليها ناراً من السماء فاحترقت وهم نائمون {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} أي فأصبحت كالزرع المحصود إذا أصبح هشيماً يابساً،
( يتبع )
|