عندما تظل كبيراً رغم تطاول الصغار ، عليك أن تكبر في عيون الناس وترتفع فوق هامات الكل .. لكنك حين تستجيب لا ستفزازتهم تعرض بنفسك وتتساوى في نظر الكبار والصغار ، مع كل ضيق اضر بك ، أو حاول أن يستدرجك إلى ساحة لم تتصور أن ترى نفسك تهبط إلى دركها .
إن النفوس الكبيرة والممتلئة ثقة وإخلاصاً تظل أكبر بكثير من محاولات الاستدراج إلى ساحات موبوءة وغير كريمة . إن التجاهل لا يعتبر عجزاً ولا يعكس قصوراً ، ولكن يعبر عن احترام للنفس ، وارتقاء بها فوق كل الصغائر وتجاوز كل ماهوا رديء ودنيء ، صحيح أن الصمت ممرض للنفوس الكبيرة لأنها لا تحتمل الباطل ولا تقبل لتضليل ، لكن الله سبحانه وتعالى علمنا مدى الأجر للكاظمين الغيظ والصابرين على البلاء ، وبالتأكيد فإن كل موقف رجولي يعبر عن رأي لا يصدر عن الهوى ولا يتحرك في ضوء النوايا المريضة لا يمكن أن تحترمه وتتعامل معه بما يستحق ، لكنك لا تملك إلا أن تفعل كما فعل الكبار حين ارتفعوا فوق ركام الترهات ، لتظل جباههم عالية ونفوسهم كبيرة وعقولهم مصونة من التلوث .
وعندما يدرك ( الموتورون ) أن الضجيج لم يترك أثراً ، والاستعداء لم يشحن أية نفس غير نفوسهم ، وأن الكذب لم يضلل أحدا فأنهم يستسلمون لحالة قهر حادة ،ويزدادون تورماً وكرباً وحزناً . فالناس ليسوا متفرجين بلهاء وليسوا ( جوقات ) يمكن أن يرددوا ما يقولون ، كما أنهم ليسوا من الغباء والجهل بحيث لا يدركون دوافع ما يصدر عن كل المهووسين والمتوترين وأنصاف المرضى والمعتوهين !
إن قدرة الناس على التميز .. على المعرفة دون تأثير على أن تنصفك ضد كل من أراد أن يظلمك هو عزاء الأقوياء ومصدر قوتهم وصلابة إرادتهم ، فالصادق لا يحتاج إلى من يزكيه ، والمخلص لا يحتاج إلى من يدل على أخلاصه، والنظيف لا يحتاج إلى من يقول له أنت ابيض كوجه النهار
لكن الكذابين وأنصاف المخلصين والملوثين ينتهزون أي فرصة لقذف الآخرين بالحجارة وإلصاق التهم بهم ، واستعداء الناس عليهم للفت الانتباه إليهم ، وإثبات ما عجزوا هم عن إثباته بأفعالهم ، وتصرفاتهم وممارستهم الغريبة وأنماط تفكيرهم (المريضة ) ... حمانا الله وإياكم ...