![]() |
#31 |
![]() مبتدئٌ ! ![]() |
![]() هأنذا أؤوب بخفي حنين بعدما أمضيتُ في الأدب أكثر من ربع قرن ، وفي مسامرة الكتب خمسة وثلاثين عامًا وقد أيقنتُ –يقينًا لا يُخامره شكٌّ- أنني أضعتُ عمري فيما لا نفع فيه ولا نجاة ، وأنَّ ما أكتبه لا يرتقي لمستوى النشر ! فمن يعيدُ لي ما مضى ويسعفني في الاجتهاد فيه ؟! أيجدي الندمُ والإقلاع والعزم على عدم الإياب ؟! أيجدي الغضبُ والمقتُ ؟! أيجدي الإتلافُ والحرقُ والظعون ؟! وا أسفي ! وا أسفي ! وا أسفي على عمرٍ أضعته خلف سرابٍ خادع لا يرتقي بي للدرجات ، وإنما يهوي بي في الدركات ! وا أسفي على استرواحي نفث الشيطان وعدوي خلف سرابه ! وا أسفي على عدم إصاخة السمع ، وتحكيم العقل فيما كان يطرقُ سمعي من أهل العقل والحكمة بأن هذا السبيل ليس فيه سوى عَضِّ الأصابع والتَّحَسُّر ! كم وددتُ -وكثيرًا- أن يعودَ بي الزمن للوراء لأقف أمام نفث الشيطان وألعنه وأشيحَ عنه ، وأتحصَّنَ ضدَّهُ بالأوراد في تلك الليلة ، وأصلي لله شكرًا أن عصمني منه وأعاذني ! بعد هذا العمر المضني آن للعقل المجهد الذي أكثر الدَّلَجَ أن يُخلدَ للراحة بعد هذه الرحلة المضنية ! بعد هذا العمر المضني آن للقلم أن يُقذفَ في بيداء البغض والتيه ! بعد هذا العمر المضني آن للمحبرة أن تُحطَّمَ ويراقَ مدادُها ! بعد هذا العمر المضني آن أوان المضي وعدم الالتفات ، ومضاء العزم ! لئن أعادني الحنينُ فيما مضى إلى بيداء الأدب وهجيره رؤية القلم والأوراق ، فقد صممتُ أذنيَّ ، وأشحتُ ناظري ، ومزقتُ شرايين الحنين وأوردة الهوى فوداعًا وداعًا ! بل لَحْوًا لَحْوًا ومقتًا مقتًا ! أيها الـملْحُوُّ الممقوتُ ! ربِّ : أتيتُ والخشية غمرتِ القلبَ ، وأرعدتِ الفرائصَ ، مُوْهَنًا من تصرُّمِ الأيَّام ، وتقهقر الشباب وتقدم المشيب ، مثقلًا من كثرة التطلع والرنو والترقب ! ربِّ ورب السموات والأرض ومن فيهن وعليهن : لئن لم يَطُلْ لبثي ، فأسألكَ برحماتكَ المائة ألا تحرمني أمنية العمر العظمى ، وأن تنيلني إياها قبل شخوص البصر وميلان الرأس ! يا من رحمة من رحماته فعلت العجب العجاب ، رققت القلوب ! حدبت الأنفس ! أسالتِ الدموع ! مدت الأكف ! أسألكَ برحماتكَ المائة التي لا يحيط بها وصف ، ولا يستوعبها عقل أن تشفيني شفاءً لا يغادرُ سقمًا ، وأن ترحمني وتغفر لي ما أسلفت ، وتبارك لي ، وتحقق أمنية عمري العظمى ! ربِّ : أتوسَّلُ بكَ إليكَ ، أتوسَّلُ إليكَ برحمتكَ التي وسعتْ كل شيءٍ ، أتوسلُ إليكَ بمن يتطاولُ إبليسُ لها لعلمه بسعتها ألا تردَّني خائبًا وتنيلني أكثر مما سألتُ وأمَّلْتُ ! ربِّ ربِّ ربِّ : ارحم الكفين الممدوتين والمقلتين الذارفتين والقلب النادم والكبد الحرى ولا تردني خائبًا فلم يقفْ ببابكَ سائلٌ وذِيْدَ عنه ! ولا أتاكَ طالبٌ وعادَ خائبًا ! ولا قصدكَ مكروبٌ وخُذلَ ! سبحانكَ ما أرحمكَ ! سبحانكَ ما أرحمكَ ! سبحانكَ ما أرحمكَ ! 1445/10/9 هـ 3:45 م . |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تـــبــاريـــح |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|