والألفاظ في السورة بجرسها وبمعانيها وباجتماعها في التركيب ، وبدلالة التركيب كله .. تشترك في إطلاق هذا الجو وتصويره. فهو يبدأ فيلقيها كلمة مفردة ، لا خبر لها في ظاهر اللفظ : «الْحَاقَّةُ» .. ثم يتبعها باستفهام حافل بالاستهوال والاستعظام لماهية هذا الحدث العظيم : «مَا الْحَاقَّةُ؟» .. ثم يزيد هذا الاستهوال والاستعظام بالتجهيل ، وإخراج المسألة عن حدود العلم والإدراك : «وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ؟» .. ثم يسكت فلا يجيب على هذا السؤال. ويدعك واقفا أمام هذا الأمر المستهول المستعظم ، الذي لا تدريه ، ولا يتأتى لك أن تدريه! لأنه أعظم من أن يحيط به العلم والإدراك! ويبدأ الحديث عن المكذبين به ، وما نالهم من الهول ، وما أخذوا به من القصم ، فذلك الأمر جدّ لا يحتمل التكذيب ، ولا يذهب ناجيا من يصر فيه على التكذيب :
وهذا اسم جديد للحاقة. إنها فوق أنها تحق .. فهي تقرع .. والقرع ضرب الشيء الصلب والنقر عليه بشيء مثله. والقارعة تقرع القلوب بالهول والرعب ، وتقرع الكون بالدمار والحطم. وها هي ذي بجرسها تقعقع وتقرقع ، وتقرع وتفزع .. وقد كذبت بها ثمود وعاد. فلننظر كيف كانت عاقبة التكذيب ..