#1
|
|||||||
|
|||||||
![]() توأم روحي : لو كنتَ على ظهر البسيطة لبلغتَ هذا اليوم الأشد ، ولما سأل عنكَ أبناء أختيك ولما سأل ابن أخيك عنكَ من هذا الذي تنهاني عن السؤال عنه أيا عماه ! يسأل عنكَ ولم يعلم أنني أعالج شجنًا وأواري دموعًا كي لا يراها ! أخي : وايم الله ما كتبتُ عنكَ إلا وسبقتْ دموعي مدادي وعبراتي عباراتي ونشيجي حديثي ! هأنذا أعيد ما قلته لي سابقًا : هل سترثيني إذا واراني الثرى ؟! هل يُرثى الحيُّ ؟! هل يُبكى الخالد في القلوب ؟! هل يُنعى من لم تَبْرَحْ ذكراه ومحيَّاه أعين وأفئدة أحبته ؟! أنا لا أرثيكَ يا توأمي ! وإنما أفيضُ ما يعتلج بقلبي أما أنتَ فحيٌّ في تلك الدار –برحمة الله- ونحنُ من يُخشى عليه ! أما من مضى فقد تجاوزَ برحمة الله وفضله ما نحن مقدمون عليه وما ينتظرنا من أمرٍ وبيلٍ ! فارقتني يا توأمي بجسدكَ ولم تفارقني بسمتكَ وأحاديثك ومزاحكَ وطيبكَ وكرمكَ الفيَّاض ومداعبتكَ لي بذلك السرِّ في قلبكَ الذي قضيتَ نحبكَ لم تُفضِ به لأحدٍ ! وإني حين يتمُّ الأمرُ سأخبرُ المعنيَّ به وسأذكرُ علمكَ به وإخفاءكَ له ومداعبتكَ لي به –فقد أثقلَ كاهلي- فرضي عنكَ ثم رضي عنكَ ثم رضي عنكَ من أنهكَ قلبي بعظيم فقدكَ وشجى ظعنكَ وإني أقسمُ أنها بقايا ذكراكَ وصِنْوُ الحنينِ إليكَ ! فارقتني يا أخي وأبقيتني للوعة والحنين ينهشان قلبي ويمضغان جسدي وإني –والذي اصطفاك لجواره- أبكيك بكاء الثكلى وحيدها وأنه يندر أن ينصرم يومٌ لم أُفضْ فيه دموعي عليك ورفع أكفي لرحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما أن يتقبلك ويغفر لك ويجعلك من أهل الفردوس الأعلى ! فارقتني يا أخي ولم تفارقني ذكراكَ في ليلي ونهاري ولن يُصمتَ الحديث عنكَ والشجى عليكَ والحنين إليكَ والتفكيرَ بكَ والدُّعَاءَ لكَ إلا الذي قُهرَ به العبَادُ وأُذلَّ الجَبَابرَةُ ، وما سوى ذلك فسرابٌ يضمحلُّ ! فارقتني يا توأمي ولم يفارقني ذلك الموقف في طفولتنا الذي كلما مرَّ بخاطري أبكي وأبكي وأبكي وأرفع كفيَّ لأرحم الراحمين ، وأشعر بضآلة الدنيا ودناءتها وأودُّ –من كلِّ قلبي- أنني أنا الموسَّدُ الثرى بدلًا عنكَ -ووايم الله- أنني أحمدُ الله أن للدنيا أمدًا لألقاكَ في كنف رحمة أرحم الراحمين في دار لا ظعون منها ولا فراق فيها ! أعلمُ –علم يقينٍ- أن البكاء للرجال منقصةٌ عند الكثير ولكنه على عديل الروح وتوأم العمر وفلذات الأكباد والأمهات والإخوة لا ضير فيه ولا منقصة وقد بكى أفضل الخلق صلوات ربي وسلامه عليه أمه آمنة وفلذة كبده إبراهيم عليه السلام فليلم من أراد اللوم وليطلقْ لأفراس تهكمه العنان ! يا ليت قبري يوازي قبر عبدالله أو ليتهم وسَّعوا لي معْه في ملفاه الأيكة الباسقة الفينانة يا توأم قلبي وروحي وعمري في قلبي جفَّ النمير عنها وعرَّاها فقدكَ ، واجتثَّها نأيكَ ، فأين أنتَ لتعيد ما جفَّ ، وتورق ما حتَّ ، وتحيي ما ماتَ ؟! ![]() جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|