07-31-2025 08:52 PM | |
أطياف |
![]() ![]() يمشي على الأرض، وخطاه تحدث صدىً في السماء. في عينيه حنينُ الأنبياء، وفي قلبه خريطةُ النور، مرسومةٌ بمداد الوحي، ومطوية على سر الرحمة. ولد يتيمًا، ولم يكن اليُتم من فراغ… بل أعده الله ليملأه بالسكينة، بالحكمة، وبألف جناحٍ من جبريل. عند حديثه ، تشرق الحروفُ من بين شفتَيه كـ قُطرات ضوءٍ تنزل من غيم الرحمة، تسقي قلوبًا عطشى، وتبعث الحياة في صحارى النفوس. مرآة صافية من نور، نطل منها على أنفسنا، فنرى أين كنا… وأين ينبغي أن نكون وفي ليل تتنازعه النجوم أنفاس الحنين، وقف الحبيب محمد ﷺ، بين ضلوع مكة، يناجي جبين الكعبة بالدعاء، وقلبه يرزح تحت صخر الهجر والخذلان. أهله…، كسروا ضلوع الطمأنينة، ورموا عليه صخور الغِل، فصار الجرح في الوجدان أبلغ من النزف. وفقَد أبا طالب… الجبل الذي كان ظله، فانكشفت لهُ شمس الأذى في كبد السماء، كانَ عمه سورا من نخيل في وجه العواصف، غاب، وتسللت السكاكين من بين الوجوه. ثم أخذ الغياب الحبيبة خديجة… قلبه المسند، ودفء نبوته، تساقطَ ضوء الحياة من عينيه، كما تتساقط النجوم حين تطفئها السماء، كانت دعاء يمشي على الأرض، فلما رحلت، تكسر صدى النور في روحه. عام الحزن… ليس سنة، بل مقطع من قلب النبوة، كتبَه النبيُّ ﷺ بالدمع والصبر، وكانت السماء تنصت… حتى نزل العزاء من فوق سبع سماوات: “إنَّ معَ العُسرِ يُسرًا "… هو حبيبنا محمد ﷺ… نبض السماءِ في قلبِ الأرض، إذا نطق، تفتحت أبواب النور، وإذا مر، انجلى الليل عن وجه الدنيا كأنه فجر يبتسم. تحت راحتَيه تفجرت المعاني، نبع الماء من بين أصابعه كما تنبت الأنهار من كف الغيم، وحن له الجذع … شوقا، كأن الخشب بات روحا تناديه، فاحتضنه، فسكن … كـ حب لقي حبيبه يعود إلى يقينه. هو الذي أُسري به ، من الحجر إلى السماء، من سجود الأرض إلى عرش الملكوت، ركب البُراق ، وسار في جغرافيا النور، حتى سمع صرير الأقلام تكتب مقادير الكون. وفي بدر … نزلت الملائكة تصافح رايته، وكانَ الرمل ينادي : “هو النور، فاتّبعوه”، فأضاءت سيوف الحق بإرادة السماءِ، وانتصر الصدق حين تقاطع مع الدعاء . هو آية الزمان، الذي انشق له القمر طاعة، وانصاعت الأكوان لحضوره، كأن الوجود بكامله، كان ينتظر تلك البصمة النبوية .. في يوم الطائف، خرج النبي محمد ﷺ يدعو أهلها إلى الإسلام، فآذوه ورموه بالحجارة حتى سال دمه الشريف. فلما جاءه ملك الجبال يعرض عليه أن يطبق عليهم الأخشبين، قال ﷺ: “بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً.” العِظة والعِبرة: الرحمة والعفو عند المقدرة، والصبر في الشدائد، هما من أعظم صفات النبي ﷺ، وبهما نقتدي في مواجهة الأذى بالحلم، والعداوة بالدعاء، لا بالانتقام في كل موقفٍ له، عظة تسري كالنسيم، وعبرةٌ تلمس أعماقَ الأرواح التي ضلت ثم وجدت في خطاه البوصلة |
07-30-2025 10:58 AM | |
البنفسج |
الهدهد وسليمان عليه السلام .. ![]() ؛ لم يكن نبيًّا، ولا ملكًا، ولا بشرًا كان طائرًا صغيرًا يحمل في جناحيه رسالة، وفي قلبه دهشة، وفي صوته سؤال. حين حكى الله عن الهدهد، لم يكن الحديث عن ريشٍ أو تغريد، بل عن بصيرةٍ نافذة وغيرةٍ على التوحيد. قال: ﴿فمكث غير بعيدٍ فقال أحطتُ بما لم تُحط به وجئتك من سبإٍ بنبإٍ يقين﴾ أحطت؟! أمام نبيٍّ ملك، صاحب مُلكٍ لا ينبغي لأحد من بعده؟ نعم، فالحقّ لا يعرف حجم الجناح، ولا مرتبة العرش لم يتهاون، رأى قومًا يسجدون للشمس من دون الله، فلم يطربه الذهب، ولا الزينة، ولا الحاشية، امتلأ صدره بوجعٍ نبيل، وسافر من الجنوب إلى الشمال ليخبر نبيَّه بما رآه. تأمل قول الله عن الهدهد: ﴿وجئتك من سبإٍ بنبإٍ يقين﴾ لم يكن مجرد كلام، بل كان يقينًا، وكان نبأً، وكان مهمًّا بما يكفي ليُخلد في كتابٍ لا يأتيه الباطل. علّمنا الهدهد أن: الصغار إذا صدقوا، كُتبت خطاهم في سِفر الخالدين. وأن من أحبّ التوحيد، غار عليه حتى من ممالك الذهب. وأن من أدرك الحقيقة، لا ينتظر إذنًا لقولها. فلم يكن مجرّد طائر كان بصيرةً مجنّحة، وروحًا لا تخاف في الله لومةَ أحد |
07-18-2025 06:08 PM | |
البنفسج |
حين دعا نوح ربه .. أجابه ![]() في الليل الطويل حين كانت الأرض تموج بالظلم والسماء تَصمت كان نوح وحده يمشي على صبره ألف سنة إلا خمسين عامًا يطرق القلوب، ليست الأبواب ويزرع في الصخر بذور الرجاء ولم يؤمن له إلا قليل في صمت الأرض نادى وفي جفاف الروح دعا وفي قسوة السنين بكى قال: "رب إني مغلوبٌ فانتصر" لا خطبة، لا عتاب، لا شكوى للناس بل كلمة واحدة مكتظة بآلاف الانكسارات: "مغلوبٌ" وكأن نوحًا حينها لم يطلب شيئًا سوى أن يرى الله أن يسمعه، أن يشهد أنه لم يُقصر فأجابه الله ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجّرنا الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمرٍ قد قُدر كأن السماء كلها نزلت لتعانق دمعته والأرض كلها اشتاقت أن تنصر رجاءه لم تكن الطوفان لعنة كانت استجابة ولم تكن السفينة خشبًا طافيًا كانت وعدًا يُنجى به أهل اليقين "وقيل يا أرض ابلعي ماءك، ويا سماء أقلعي" حين أمر الله كفّت الأرض عن الحزن وسكتت السماء عن البكاء هكذا يحكي الله حين يريد أن يقول لنا: إن الدعاء الصادق لا يموت وأن القلب الذي ينكسر لله يرفعه الله على الماء وينجيه. |
07-06-2025 07:45 PM | |
أطياف |
قصة سيدنا سليمان ﷺ![]() حين تكلم الريح بلسان النبي، ينصت الوجود.” في مملكة لا تحدها أسوار ، و على عرش من نور، لا يصاغ من ذهب ولا خشب، بل من طاعة أذعنت لها الكائنات. الهدهد رسول مجنح بالحكمة، يحمل في منقاره خريطةَ مملكة لا تسجد لله. وحين نطق، انصتت العروش، اندهش النبي … من ريش صار فطنة، وصوتاً صغيرًا، كشف غياب السجود. والريح مركباً، يمتطيها كما يمتطي البحر موجه، تنساب تحته كجارية تطيع سيدها، لا شراع ولا مجداف، بل أمر من نبي تنصت له العناصر والجن أيادي من نارٍ تشيد الأعاجيب، كالدخان ينحت في الصخر، يصبون النور في قوالب النحاس ، عيونهم جمر، وسواعدهم ريح ، يشيدون القصور كما ترسم الأحلام ، صامتون كالأسرار، لا ينطقون إلا بأمر حكمة نبيّ يسكنه السلام. و نملة حكمتها أثقل من الجند همست بصوت صغير شق صمت الأرض أصغى وتبسم له ملك خصعت له الأكوان . ليس أزدراء بل احترامًا لعقل صغير يحسن التدبير . ويرسل كتابا إلى ملكة تنبت الحكمة في عرشها كما تنبت الزهرات من قلب الحجر. خطَت على بساط الدهشة، فارتجف الماء تحت قدميها كمرآة خجلى ، ورأت العرشَ الذي كان في الخيال ، ينتظرها في اليقظة. عندها أدركت أن الملك بالبصيرة لا بالحجر ، في قصتة الصوت ليس للحنجرة، بل للحكمة. والسلطة ليست قبضة، بل امتداد للعدل . و معجزاته لم تكن زينة لملك، بل مرايا نرى فيها كيف تسجد المخلوقات حين يكون الملك عبداً مخلصاً لله . العبره / النعمة هي أختبار .. والشكر الحقيقي ألا تنسى المنعم وسط النعم . والقوة ليست في السيطرة بل في حسن التدبير والرحمة . ولا تقلل من قيمة أي صوت . فـ الأنبياء لا يعتمدون على مايملكونه بل على ما يرجونه من الله . ![]() |
07-05-2025 01:37 AM | |
بارعة |
ذوالكفل عليه السلام من الأنبياء الصالحين، وكان يصلي كل يوم مائة صلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل فسمي بذي الكفل. قال ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هو المشهور |
07-03-2025 10:21 AM | |
البنفسج |
"حين نزل الملكان، وتكشّفت فتنة الأرض" ![]() ؛ في أرض بابل حيث كانت العيون تلاحق المجهول والقلوب تهفو لمعرفةٍ تتجاوز البشر نزلت الفتنة في هيئة اختبار نزل هاروت وماروت ما بين السماء والأرض دار حوارٌ لا يسمعه إلا الراكعون في صوامع التأمل: كيف يفتن البشر ؟ كيف يختارون النار وهم يعرفون الماء ؟ كيف يغويهم البريق حتى لو كان على جمر ؟ فقالت السماء: "سأُنزِلُ علمًا، لكنه ليس للجميع فقط للذين طلبوه رغم التحذير." ونزل الملكان ومعهما العِلم والشرط "نحن فتنة، فلا تكفر." قالاها مرتين مرآتين تنعكسان على ضمير كل من اقترب لكن البشر كعادتهم لا يسمعون التحذير إذا سكن في جملةٍ أنيقة تعلموا السحر تعلموا كيف يُفرق بين المرء وزوجه تعلموا كيف تُحرّك الأشياء ليست بالحب لكن بالقوة وكيف يُدار القدر عبر الظن، لا اليقين لم يكن السحر قوة بل عبء ولم يكن العلم كرامة لكنه امتحان وحين عاد الملكان تركوا وراءهم بابلًا أخرى مدينة مليئة بالاختيارات التي سقط فيها أكثر من قاموا إليها ! قصة هاروت وماروت ليست عن سحرٍ غريبٍ في حروفٍ مبهمة بل عن الإنسان حين يُمنح المعرفة ويختار أن يحوّلها إلى فتنة !! |
07-03-2025 01:40 AM | |
البنفسج | |
07-03-2025 01:35 AM | |
البنفسج | |
07-03-2025 01:33 AM | |
البنفسج | |
07-03-2025 01:30 AM | |
البنفسج | |
هذا الموضوع لدية أكثر من 10 ردود. اضغط هنا لعرض الموضوع بأكمله. |
![]() |
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code is متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|